الخميس، 28 أبريل 2011

الإنسانية.. هل تظل أملاً في قلب البشرية؟؟


هناك أسباب بالضرورة أدت إلى هذا الواقع الذي نعيشه كأفراد ومجتمعات، سواء على المستوى العربي أو الغربي، بل إنها أزمة عالمية يكاد يعيشها كل فرد على كوكبنا، أزمة تمتد جذورها في عمق التاريخ الإنساني أو بتعبير أدق التاريخ البشري؛ لأن هناك فرقًا شاسعًا بين المعنى البشري المعاش والمعنى الإنساني المأمول... فحينما نقرأ أو نسمع كلمة (البشرية) ندرك أن المقصود هنا هو الحديث عن الجنس البشري بشكل عام، وأن الحديث يكون عن أمر ما خاص بالبشر كافة، ولكن حينما نقرأ أو نسمع كلمة (الإنسانية) فنحن ندرك أن المقصود هنا هو الصفات الخيرة لمعنى الكلمة من قيم ومعانٍ راقية نبيلة وفاضلة.

فلماذا.. وبالرغم من آلاف السنين التي مضت على التاريخ البشري مازلنا نحيا كبشر ولا نسعى نحو تحقيق إنسانيتنا التي خلقنا لتحقيقها..!! ربما يبدو هذا الكلام سرداً لمجرد كلمات، ولكن.. إذا ما نظرنا في تاريخ كل أمة تواجدت على هذه الأرض لوجدنا فيه العديد من الأشخاص الذين تحققت فيهم معان إنسانية وإن لم تكمُل، ولكن هذه المعاني هي التي صنعت عروشاً لهم في ذاكرة تاريخ أمتهم.. أشخاص عملوا في حياتهم على نشر كلمة الحق، كلمة سواء، عملوا وأمضوا حياتهم في سبيل رفعة القيم الأخلاقية النبيلة من نشر الحق وتحقيق العدالة والعيش الكريم، صارعوا بنبل قوى الظلم، غرسوا في أرض التاريخ بذورًا ظلت تثمر بين أفراد مجتمعاتهم وأرضهم، أثرت ذكراهم الحياة البشرية بنماذج ومشاعل لنور الإنسانية حينما تتحقق في أفراد هم لغيرهم مصابيح مازالت تصر إصراراً شديداً على نشر هذا النور الإنساني الفطري، الذي ما أن يظهر حتى يجتمع حوله العديد ممن تأمل فطرتهم في تحقيق إنسانيتها.
إن كل فرد على هذه الأرض يدرك في نفسه أن الإنسانية كقيمة وكبناء للحياة القويمة والكريمة هو أمل ما أسعده إن تحقق فيه، لكن هناك شيئاً ما ربما لا يدركه -عن يقين- يأخذ به بعيداً عن ميلاد هذه العقيدة التي تدافع عن قيام هذا الكيان وتحقيقه. ربما لسنا في حاجة لدليل على صحة هذا القول وإنما يجب أن نعيد على أنفسنا عدة تساؤلات كثيراً ما نحياها ومنها على سبيل المثال:

لماذا نشعر بارتياح وغبطة حينما نقوم بفعل حسن؟
لماذا نسعد إذا ما كنا سبباً لسعادة أحد غيرنا؟
لماذا نشعر بالرضا إذا ما نجحنا في عمل يحقق الخير للكثيرين؟
لماذا نرضى عن أناس حينما نراهم يقدمون الخدمات بدون مقابل لغيرهم وهم يبتسمون؟
وعلى الجانب الآخر..
لماذا نشعر بالضيق إذا فشلنا في النجاح في أمر ما؟
لماذا نشعر بالخزي أو الخجل حينما نخطئ؟
لماذا نكذب ثم نتألم من الأكاذيب علينا؟
لماذا نغضب من الظلم ونحاول صده أو نأمل في رفعه؟
ثم لماذا نلجأ لظلم الآخرين ونتألم من عذاب الضمير؟
بل لماذا نخالف صوت ضمائرنا ثم نظل مختبئين من قرار العودة للصواب؟ أو لماذا نشعر بالندم؟؟؟؟

كل هذه التساؤلات تجد في نفوسنا ألفة؛ لأننا لابد وأننا عشناها وإن لم نسألها ونواجه أنفسنا بها من قبل... ولكن ألا ترقى هذه التساؤلات لتكون رسائل وإشارات ومصابيح لنا، تنير وتظهر لنا ما نحن عليه؛ لنتساءل بفخر لماذا نؤجل هذا القرار؟؟؟ لماذا نؤجل قرار ميلادنا الجديد؟؟
نعم مثل هذا التساؤل يجب أن ينبع من داخلنا وننطق بها بكل فخر؛ لأننا حينما نسأله سنكون على وعي وإدراك عميق بل ويقين بأننا على مشارف الحياة والعيش في قلب الحقيقة.. والإجابة على مثل هذه التساؤلات كفيلة لرسم الطريق وإيضاح الرؤية لنعرف كيف نحقق لأنفسنا البدء في هذه الرحلة المقدسة في نبل ورشد محاولة كسبها، مجرد التفكير في هذه التساؤلات يعني لحظة ما قبل الميلاد الإنساني لمن أراده، والصدق في محاولة الإجابة عنها وحده هو الكفيل بميلاد العقيدة واليقين بضرورة بدء تلك الرحلة.
لن يكون بمقدور أحد ما أن يضع قواعد وخطوات لتحقيق هذا الميلاد؛ فقط أنت وحدك يمكنك أن تجيب على مثل هذه التساؤلات بصدق، حينها فقط ستدرك من أين تبدأ، ومهما كانت نقطة البدء صغيرة بالنسبة لك ومهما بدت لك تافهة فكن على يقين أنها أعظم نقطة وأشرف بداية؛ لأنها هي النقطة التي يلتقى فيها معنى الإنسانية فيك بالواقع الذي ما هو إلا تربة ستثمر فيها إنسانيتك حين تولد بك ومنك، فيجتمع عليها من هم في اشتياق لرؤية مثل هذا الميلاد؛ ليعملوا ويجتهدوا في ظلاله لتحقيق ميلادهم الإنساني هم أيضاً؛ لأنهم حينها سيستظلون بظلال تجربتك من شمس الوهم الحارقة التي جعلت أهدافهم سراباً أمام أعينهم، لا يكادوا يبلغونه حتى يتلاشى منهم، فيبصرونه من جديد في الأفق البعيد، فيلهثون لبلوغه مرة ثانية وثانية ويتلاشى بطبيعته ليظهر لهم من جديد في أفق أبعد،  فباتت الرؤية أمامهم غير ثابتة، والأهداف غير يقينية وغير مدركة، فلا تدع نفسك فريسة لوهم أن نقطة البداية تافهة أو صغيرة، كن على يقين أن هذه النقطة هي الهدف الحقيقي والثابت الغير متراقص، ويمكنك بلوغه أينما يبدو لك، ولهذا تجتمع حولك القلوب وتستظل بتجربتك؛ لأنها هدف واضح غير متراقص، تدركه القلوب لا العيون المنخدعة أو التي أصبحت تألف الانخداع بالسراب، ولهذا ستترك ما حولها وتأتي إليك، تسير معك، تنمو بجوارك، ويكون كل منكم هدفاً لغيره، فتتكاثرون كلما كنتم صادقين مخلصين في رحلتكم الإنسانية.
لقد قرر العديد من الأفراد الميلاد الإنساني لهم فصاروا عطراً يتطيَّب بهم تاريخ أمتهم، ولدوا لحظة اتخاذهم قرار مولدهم الإنساني، فظلوا يولدون ويتوالدون كلما نطق التاريخ باسمائهم وإن لم يكونوا هم أنفسهم كأشخاص في حاجة لتخليد الاسم.. ولكن ما تم تخليده هو إنسانيتهم التي ولدت فيهم وبهم وتكاثرت كتجربة حية بمن تجمَّع حولها.

ليس درباً من الأمنيات والرجاء لظهور مدينة فاضلة أو أخلاق نبيلة في عالم تسوده المادية والأهواء وشغف السلطة، وإنما شعور بما هو آتٍ من رحلة طويلة يقف العالم أجمع على مشارف البدء فيها.. فمنذ سنوات ورموز العالم الزائف -بما امتلأ به من أكاذيب ومعايير مزدوجة- تشير إلى انهيار قوى الوهم والخديعة التي سادت البشرية منذ القدم.. وتبدأ الآن مرحلة جديدة.. تبدأ بتصدع أردية الوهم الموروثة من فوق العقول، وبدأت غشاوة الأفضلية تضعف سطوتها، فبدأت تظهر مشاهد حية غير زائفة لمعنى الأفضل.. لمعنى الإنسان... بدأ ميلاده بقوة، وانتشر خبره فاجتمعت حوله القلوب الآملة في كسب معناها الإنساني، فتكاثرت لحظة الميلاد في أرجاء مختلفة. إن الأرض تستعد الآن.. وربما دون أن تشعر.. لسماع صوت مدوي في أرجائها في وقت قريب.. إنه صوت الإنسانية حين تتحقق.. الإنسانية.. الأمل القابع في قلب البشرية.


الاثنين، 18 أبريل 2011

مصر أم مكة أم فلسطين؟

أيا أرضُ أي البقاعِ تحبين

مصر أم مكة أم فلسطين؟

لو بمكة أول بيتٍ للعابدين

والقدس كان قبلة المسلمين

فإن مصر مهد دعوة النبيين

وفي القرآن ادخلوها آمنين

دعوة نوح للحفيد مصراييم

والبعث فيها عقيدة الفراعين

فيها شعَّ نور الخليل إبراهيم

منها كانت أم النبي إسماعيل

والسبع العجاف مرَّت من سنين

ثم غوث العباد لأهل فلسطين

الطور وموسى وبنو إسرائيل

فرعون وجنده والسحر المبين

والعذراء باركتها والرضيع الكليم

مصر الكنانة.. فهي أرض النبيين

فإدريس فيها كان أول المصطفين

ومن نسل الذبيح خاتم المرسلين

فيا أرض افصحي أي البقاع تحبين

مصر؟ أم مكة؟ أم فلسطين؟

الاثنين، 11 أبريل 2011

الخطاب الأول لرئيس مصر القادم

لا أدري لماذا ترددت على أذني هذه الكلمات!! ربما لأنني أتمنى أن يأتي الرئيس ليضع الشعب كاملا بمساوئه قبل محاسنه أمام حقيقته؛ حتى نبدأ يدا بيد نحو غد أفضل، تخيلت أني أسمع هذه الكلمات كخطاب، ثم قلت لنفسي ماذا لو تشاركنا جميعا في وضع خطاب رئاسي على ما نرجو ونأمل أن يكون؟؟ ومن هنا أحببت أن نتشارك جميعاً في كتابة واستكمال هذا الخطاب بما نأمله؛ فربما تسبح الأمنيات كأفكار ونحن نعلم ما للفكر من قوة وطاقة.. فهل يمكن أن نكمل هذا الخطاب بما نتمنى أن نسمعه؟... يمكن نسمعه في الواقع

 **************************************
***********************
بسم الله الرحمن الرحيم
جمهورية مصر العربية
الخطاب الرئاسي الأول لسنة 2011م

الخميس الموافق 22 سبتمبر 2011

شعب مصر

لم أجد ضرورة من افتتاح حديثنا اليوم بما اعتدنا أن نستمع إليه فيما مضى، ولم أرد قول كلمة مما قد سمعناه مرارًا على مدار عقود من الحكم قد مضت، تكررت فيها كلمات لا حصر لها بما حملته من قيم ومحبة خالصة وتآخٍ فيما بيننا كشعب وحكومة.. تكررت كثيرًا ففقدت معناها، حتى صارت الأفواه الناطقة بها كأيادٍ آثمة تمتد بها كتخديرٍ تغرسه في عروقنا لنغيب به عن الحقيقة.. فلست أمامكم لأتحدث بما عهدناه من مثل تلك الكلمات أو غيرها.. وإنما تجمعنا تلك الدقائق من حياتنا لننطق فقط بواقع نعيشه، وبما هو حقيقة لا يتهرب منها ولا ينكرها أيَّاً من كان إلا منْ أراد الابتعاد عن ركب مصري بدأ لتكون له الريادة.

فيا شعب مصر كافةً.. بكل طوائفه في كل رقعة على أرض هذا البلد العريق.. لابد لنا في بداية هذا العهد الجديد الذي بعثت فيه مصر لتنتشر منها قيمها الروحية والأخلاقية كما عهدها التاريخ، هذه القيم الروحية التي أقامت أقدم حضارات الإنسانية، لابد أن نؤكد جميعاً على حقيقة العلاقة بيننا وبين من ارتضيناهم وسنرتضيهم في المستقبل حكاماً لنا.
هذه العلاقة ما هي إلا علاقة متبادلة متماثلة.. فقد أظهرنا جميعاً لأنفسنا كشعب قبل أن نظهر لشعوب العالم أجمع حقيقة تلك العلاقة بين الحاكم والمحكوم.. أظهرنا جميعا يدا بيد أن الشعب هو الحاكم الفعلي والأقوى لبلده.. وما الحاكم إلا مرآة لشعبه.. فإن لم تكن المرآة قادرة على عكس صورة حقيقية للشعب استبدلها الشعب بغيرها يرتضيها... هذا منهج إن لم نكن قد آمنا به من قبل لظلم استبدت قواه بنا فها هو اليوم يشهد كل مبصر فيه على أنه المنهج الحق.. وأنه روح الإنسانية التي تقوى بها وفي كنفها القيم الروحية التي تبني الأمم وتقيم الحضارات الخالدة والتي تصنع تاريخ الإنسان خليفة على الأرض يعمرها وينشر الحق والعدل عليها.

وإن كنت أتعهد أمامكم اليوم بأن أكون لكم مرآة صادقة ترون فيها نبض حياتكم على مختلف ما تكون عليه فإنني لم أقل كلمة مما قلت إلا لكي نتقاسم المسئولية جميعاً أفرادا ً وجماعات.. فالشعب ما هو إلا أسرة كبيرة قومية، قوامها الأسرة الصغيرة، والتي بدورها قوامها الفرد ذاته، ولهذا فبداية عهدنا الجديد يستوجب علينا جميعاً الصدق فيما بيننا، وأن نضع الحقائق أمامنا بلا تزييف أو إنكار لأي منها مهما كانت هذه الحقائق جارحة أو مشينة، فمن لم يكن بمقدوره أن يتطهر اليوم مما يراه مشيناً مهيناً من حقيقته فيجب أن يعلم أنه سيظل على ما هو عليه، وأنه سيتخلف عن ركب أأمل أن يكون كل مصري خليلاً فيه لأخيه المصري دون النظر إلى أي فرق غير حقيقي لأنه فرق زائل.
بين أيدينا الآن فرصة لن تتكرر وهي أن نعترف جميعاً أن كل منا به ما قد يعوقه لبعض من الوقت عن المضي قدما نحو حياة بيضاء تخلو من الخوف أو تلك المشاعر التي تقف حائلاً بين الإنسان وتحقيق إنسانيته، وربما دُفعنا جميعا نحو تلك المشاعر أو انتهاجها في ظل نظم من الحكم عاقبت صاحب كل كلمة حق بعقوبات لا تستوي بما ترفعه من شعارات وقيم للحرية والكرامة والديمقراطية وفداء الوطن.. فكان منا المرغمون والمكرهون كما كان بيننا من رأى أن مثل تلك الظروف من بيئة فاسدة فرصة له يحيا بين طياتها حياة غير مسئولة ولا ترى إلا بعين واحدة تسودها نزعة الأنانية الفردية..

ولكننا في هذه اللحظات نتمتع بهبة جليلة تفوق ما مررنا به من أمر جلل حين أراد الشعب أن يحيا حياة خُلق من أجل أن يحياها، هبة أجل وأعظم وهي أن نرسم معاً طريقاً يحمي لكل فرد بيننا ما يحمله من أمل في غد كريم وفي مستقبل يشير لنا نحو الطريق إليه.. هذا الطريق بعون الله لنا هو نفسه الدرع الحصين أمام كل قوة يخيل إليها أن تنال من كرامة ووحدة الأفراد، سواء كانت تلك القوة من خارجنا أو من داخلنا.. ولكي نرسم هذا الطريق رسماً متقناً وجب أن نرتضي جميعا منهجا قويما يسودنا، ونعمل به دون تراخٍ من كبير أو صغير.. أولى خطواته أن نضع أنفسنا أمام مرآة صادقة نستعرض عليها كافة ما بنا من مساوئ مهما كانت؛ لنتخلص منها معاً جنبا إلى جنب، وأن نضع المطامع الشخصية موضع الخلاص والتطهير منها.. ولنتذكر جميعاً أن وحدتنا وتجمعنا كشعب على إسقاط نظام (جميعنا كان على علم بمدى قوته طغيانه) كانت هي القوة التي عجز هذا النظام عن التصدي لها، وأن تلك الوحدة ما اجتمعت وما قويت إلا بعدما طرحت عنها كافة الفوارق سواء كانت طبقية أو دينية أو فكرية..

فلنجعل معاً هذه اللحظات مدادا لنا جميعا ليدعمنا ويذكرنا بأن الاجتماع والوحدة على الحق واتباعه والإخلاص في محاولة تحقيقه هو السبيل للبناء والتطهير من كل بذرة لفساد تتوارى الآن بعيداً عن إرادة تطيح بكل فساد أينما كان.

أمامنا العديد من العقبات للتخلص منها، ولكي نتخلص من كثير من الإفرازات التي نتجت عن جهل وفقر نال منا على مدار تلك العقود لابد وأن نتكاتف ونتحد على عمل واحد وهو مراعاة منْ يمكننا رعايتهم، فليكن كل متضرر من جهل وفقر في أعيننا وقلوبنا، نقدم له يد العون داعمة له لتطوير ملكاته وقدراته ومواهبه، داعمة له ليكتشف في نفسه نقاط الضعف قبل نقاط قوته لنتقدم معاً بأمتنا دون أن يتخلف عن ركب التطوير أحد من أخوتنا وأبنائنا..


الأحد، 3 أبريل 2011

بعض ما ينتظر الرئيس القادم

سيادة الرئيس.. وإن كنت لا أعلم من ستكون.. ولكني أطلب منك تعهدات كثيرة باسم مَنْ هم أكثر من تعهدات رؤساء العالم أجمع؛ أطلب باسم هؤلاء الذين يعيشون ولا يعيشون، هم أناس، بشر، بني آدمين، تضيع آمالهم، ويفقدون كل يوم مستقبلهم في هوة مظلمة من المجهول، جاوروا الموتى ولربما ماتت فيهم الأمنيات، ولربما ضاع فيهم -إن لم يكن قد مات- ما نحيا به، ألا تعتقد مثلي سيادة الرئيس أنهم لا يملكونه..؟؟


يقينًا أن أول من سكن القبور من الأحياء لم يجد أمامه غير تلك الفرصة للحياة والنوم في مأوى غير النوم في العراء على الطرقات، ولا أشك أنه كان في داخله أمل للعودة من حيث أتى من قبل؛ بين الأحياء كوضع طبيعي.. ولكن للأسف، فبمرور الوقت في هذا المكان تغيرت أوجه الموت بوجود هؤلاء الأحياء بين القبور أو فيها، فأصبحت تلك البيئة موضع نهاية وبداية.. موت وميلاد.. أمل ويأس.. خير وشر.. رحمة وانتقام.. 
نعم سيدي الرئيس... فحينما يجد الوالدان أن أملهما في مستقبل أفضل لأبنائهما يموت أمامها كل يوم مرات ومرات، وعندما تهن قدرتهما على تربية الأبناء تربية سليمة حتى يستعمر اليأس تلك القدرة، وحينما يعجزان عن توفير لقمة تسد الجوع إلا أن تكون صدقة أو سرقة.. هنا فإن كل شيء ينتهي ليبدأ بديل عنه: اليأس بديلا عن الأمل.. السرقة عن الشرف.. الخيانة عن الأمانة.. الخوف عن الأمن.. الجهل عن العلم.. المرض عن الصحة.. الجريمة عن الاستقامة.. الشر عن الخير.. فيسود الجهل والمرض والخوف والجريمة في بيئة من الفقر.... الفقر شريان للجهل.. الجهل الذي ما هو إلا رحم لكل مهلكات الإنسانية النابعة عن الفقر..



هذه بعض التحديات التي لو أنصف الإنسان مع نفسه لرآها على حقيقتها... حقيقتها التي يغفل عنها الكثيرون ألا وهي: أن ولاية الأمر ما كانت إلا من أجل هؤلاء في المقام الأول... تلك الحقيقة وحدها طريق لما نأمله جميعاً. 
فهل من تعهدات لي ولهم بأن يكون لهم الحق في الشعور بحلاوة الأمل من جديد؟؟؟
هل من تعهدات لي ولهم بأن يكون لهم الحق في الشعور بمعنى الأمان؟؟
هل يمكنهم أن يروا البسمة على شفاه أبنائهم دون بكاء من جوع أو عطش؟؟ 
هل يمكنهم النوم في ليلة ما دون أن يطعنهم الأبناء دون قصد بنظراتهم المتسائلة: لماذا؟؟ ولماذا؟ ولماذا؟؟؟؟

وهل يمكنك التعهد بهذا؟ إن لم يكن بمقدورك وإن لم يمكنك فكن على يقين بأننا سنظل نرى هذا: